بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 ديسمبر 2010

في البحث عن الرواية -1

يرسل لي بعض من يتوسم فيّحسن ابداء الرأي والمشورة بعضا من رواياتهم . البعض منهم يطلب
رأي والبعض الآخر لا يطلب .
لمن يطلب ابعث له برأي الذي احاول ان يكون موضوعيا . لكني طوال الوقت ابحث داخليا عن الاسباب التي جعلتني " اتعامل " مع رواية ما بالرفض او القبول .. بالاستساغة او بعسر هضمها .
في الاغلب فإن رأيّ الذي ابعث به ، يكون عادة - بالنسبة للكتاّب - مزعجا الا لاقلهم !
لا بأس ..اقول لنفسي " انا قاعد في داري وهم الذين طلبوا رأيّ وانا لم ابحث عنهم "
لكن بعض الروايات التي اشتريها من حر مالي او التي يشتريها لي اصدقائي حتى لا اغيب نهائيا عن الساحة الروائية المصرية والعربية ، بعض هذه الروايات تستفزني الى درجة عدائية ..واقلها يريح قلبي وبالي مثل ( ما قرأت من بضعة حلقات في اخبار الأدب ) اجزاء من رواية ميرال الطحاوي الأخيرة ، بروكلين هايتس التي عبرت بها حدود " بدويتها " الى حدود اكثر رحابة واتساعا خاصة ، وهي تحكي عن "اغتراب " لمصرية وعربية ومثقفة ، اعرفه واعايشه .
واعرف ان حكمي لابد ان يكون صائبا ، لأنه تكفيني بضع صفحات من اي عمل وخاصة الصفحات الأولى لأعرف ان كنت ساستمر في القراءة او الق به الى حيث.. فأنا خبير قراءة منذ اكثر من خمسين عاما !
كما اني لست من المؤمنين بجدوي كورسات كتابة رواية .. اؤمن بجدوى كورسات "كيف لا تكتب رواية سيئة " مثلا ..
بلي..! فالكتابة بالمفهوم الغربي هي "سلعة " تُباع وتُشترى ( رحم اللع كتاّب الف ليلة الذين لم يأخذوا فلسا واحدا من الكوبي رايت بعد ان اعيدت طبعات الكتاب مئات المرات بعشرات اللغات ) لكن ليست هناك كورسات تقول لعديم الموهبة كيف تصبح موهوبا وتكتب رواية ..لكن هناك من المؤكد كورسات لتسويق منعدمي الموهبة في كل بلاد العالم وخاصة في بلادنا ..ويا سلام لو مزجت "تسويقك " الأدبي بتسويق سياسي ووقفت في موقع آمن من المعارضة والسلطة وشتمت شوية هنا وشوية هناك ؛ فيصبح تسويقك رائجا مثل تسويق المخابرات الامريكية والغربية للكتاّب الروس السوفيات فبيل انهيار بلادهم .. الكثير منهم كلام فارغ وقليلهم يشفي الغليل.( باسترناك كاتب متوسط الموهبة )
"درست وقرأت " المسرح في مدرسة المسرح في وارسو .لمدة ثلاث سنوات ثم اخذت كورسا مكثفا مع المخرج الخاص "جروتوفسكي " في " مختبره المسرحي " اي نعم ..درست الاخراج لكني اعلم اني لست موهوبا في هذه الناحية المسرحية ، فلم " امارسه " سوى مرة واحدة .. لكن دراسة المسرح عرفتني باساليب الإخراج والتمثيل ..كما انها قدمت لي المادة التقنية الضرورية لكتابة مسرحية بشكل محترف وحرفي ( هذا اذا اعتبرت نفسي موهوبا في الافكار ونصوص الحوار المسرحي ) وبالتالي فإن دراسة الاخراج مسرحيا او سينمائيا لا تكفي لخلق مخرج لا يمتلك "رؤيا " اخراجية ...تعال قارن بين فيسكونتي مثلا او اوليفر ستون وبين الكثيرين من عندنا .. فالأولان لهما مشروع سينمائي ورؤيا لكيفية تنفيذ هذا المشروع عبر الصورة والأداء التمثيلي ..الخ بينما عندنا تنعدم الرؤية نتيجة هشاشة ثقافية ..مثل هشاشة العظام لشخص لن يستطيع تسلق تلة صغيرة في المقطم (!) اي ان هناك "عيب ط اساسي في الشخص نتيجة بالطبع لوجود " امراض " ثقافية ومعلوماتية وسياسية واجتماعية تنهش جسد هذا " الهش " وتزيده هشاشة .. قد يفلت البعض مثل رضوان الكاشف مثلا او بعض اعمال داوود عبد السيد وخيري بشارة وتوفيق صالح لكن " الشبورة " الثقافية التي تلف البلد كلها بناسها وحيوانها وزرعها ونيلها تؤثر حتما في مدى الرؤية (!) .
..تماما مثل "تدريس " فعل الكتابة لمن لا يمتلك موهبة الخلق والخيال والجنون والفككان ( احسن مثال الأخوة كرامازوف ولغة الاي اي ليوسف ادريس )
فلا يمكن الكتابة اساسا الا اذ كتب الكاتب عن نفسه .واعتبر نفسه وذاته منبع مادته . اما الكاتب الذي يختبيء خلف شخصيات وهمية( اي انه يختلقها ولا يخلقها والفرق واضح هنا لانعدام او ضعف اتصال الكاتب بنفسه اساس وبالعالم من حوله ثانية ) فهو بالتالي لن يكتب شيئا له قيمة وتاريخ الكتابات الأدبية يحفل بهذه التجارب .
كذا لا يمكن الكتابة اساسا بدون رؤية واضحة عند الكاتب عن سبب كتابته عملا ما Reason D'etre ..اي سببية وجود هذا العمل فلم يكتب همنجواي العجوز والبحر من فراغ .بل بسبب ازمته " الذكورية " الخاصة وهبوطه تدريجيا الى حالة من الاحباط العدمي ادت في النهاية الى انتحاره .
هذه مقدمة صغيرة للموضوع الأصلي:
البحث عن الرواية!

ليست هناك تعليقات: