تمرينات على كشف المستور
أمير اسكندر الماركسي المصري : نموذجا لسقوط المثقف :
كان أمير اسكندر في المعتقلات والسجون الناصرية مثله مثل مئات من الشيوعيين المصريين , لا أذكر أين التقيت به لكن في الأغلب في معتقل الواحات بعد صدور الحكم عليّ وعلى القضية التي كنت فيها وترجيلنا من سجن الحدرة في إسكندرية بعد أن قضينا فيه حوالي سنة في المحاكمة العسكرية لنا ( طبقا للتقليد الذي ابتدعه نظام عبد الناصر لمحاكمة المدنيين السياسيين المعارضين )
ثن حينما تم الإفراج عنا في منتصف عام 1946 بعفو رئاسي ، تشكلت لجنة من داخل الدولة ( لا اعلم أي جهاز تتبع .يرئسها ضابط مخابرات في الأغلب اسمه سمير مصلح ) فعادة تسكين الشيوعيين المفرج عنهم في أعمال . عرفت باللجنة وذهبت إليها وقدمت طلبا للعمل لكنهم لم يعطوني عملا لأسباب لم يشرحوها لي.
هكذا وجد أمير اسكندر نفسه في صحيفة الجمهورية التي أسسها ناصر. وكان يعمل في القسم الثقافي أو لعله مسؤلا عن قسم المسرح . كان في القسم الثقافي عبد الرحمن الخميسي واحمد عباس صالح وآخرين غير مشهورين مثل كمال القلش وعبد السلام مبارك ..وآخرين.
كنت أتابع بقدر الإمكان مقالاته وتحليلاته عن المسرح المصري وقتها الذي كان النقاد يقولون عنه ( ازهى عصور المسرح المصري "
ثم حصلت عام 1970 على منحة لدراسة المسرح واللغة البولندية في بولندا ، وأنهيت دراستي عام 1975 وذهبت للعمل في العراق حيث كان قد سبقني إلى هناك مجموعة كبيرة من المثقفين المصريين منهم الخميسي والسعدني وعباس صالح وتوفيق صالح وفؤاد التهامي وعبد السلام مبارك ونبيل زكي وسعد التايه وكمال القلش وأمير اسكندر .وحمسني كمال للقدوم إلى العراق وأقمت فترة في البيت الذي كان يقيم فيه مع أمير والتايه ، حتى استلقيت بسكن خاص .
أمير وقتها كان يعمل في صحيفة الجمهورية العراقية مثل كثيرين من المصريين الصحفيين . يرأس الجمهورية العراقية طارق عزيز ، وهو أيضا وزير الإعلام ومقرب من صدام حسين وأشوري أو كلداني لا أتذكر ( مسيحي ) ولعل هذا هو أيضا السبب الذي متن العلاقة بين الاثنين وجعل طارق يقدم أمير إلى صدام حسين ومعه اقتراح أن يكتب سيرة صدام حسين .
بالفعل كتب أمير الكتاب بعنوان " هكذا تكلم صدام " ( مثل كتاب نيتشه الشهير : هكذا تكلم زرادشت )
طبعا الكتاب كان مقررا على الشعب العراقي والشعوب العربية (!) وكل من له علاقة بالعراق كما تمت ترجمته إلى لغات العالم ..كان الكتاب موجودا مجانا في غرف الفنادق بجوار خريطة بغداد ..
تركت العراق عام 78 فاسخا عقد عملي في مؤسسة السينما والمسرح وذهبت مع فؤاد التهامي الى بيروت .فقد كنت خائفا من انقلاب صدام على الشيوعيين العراقيين بعد أن كانوا في جبهة معه خاصة أن لي علاقات معهم ومنت أتردد على مقر جريدتهم " طريق الشعب " وعلى فخري كريم ..
التقيت أمير بعد ذلك وسخرت من "كتابه " الذي كان يلمع صدام ويجعله بطلا .. دافع أمير عن نفسه بل انه اعتبر نقدي له حسدا ..كان هو قد استقر نهائيا في الحي 14 في باريس وهو ارقى واغلى إحيائها ..وأصبح مراسل لجريدة الجمهورية العراقية ..واشترى عزبة في مصر ..الخ
في زيارة لي للقاهرة قال لي سعد هجرس تعالى نعزي أمير ..سألت ماله ؟ فعرفت بالوفاة الفاجعة لأبنه الوحيد الذي كان يدرس في الجامعة الأمريكية في القاهرة .
ذهبت مع سعد للتعزية في شقته في مصر الجديدة.
بعد ذلك عرفت بالخلاف المالي بينه وبين عبد الملك خليل ..حيث اخذ نقودا من عبد الملك ليستثمرها له ..واكلها عليه فرفع ملك قضية نثب على أمير وهرب أمير إلى باريس حيث توفى هناك ..
جنون !
الحلقة القادمة : فخري كريم من قائد شيوعي إلى "مُتهم بسرقة فلوس الحزب الشيوعي العراقي "